خطر يدمر المستقبل .. المحتوى الرديء أصبح يستهدف الأطفال الرضع على يوتيوب
يوتيوب كيدز
نشرت شبكة بلومبرج تقريرًا اعتبرته صيحة تحذير من خطور المحتوى الذي يستهدف الأطفال الرضع على منصة يوتيوب:
"فركت مونيك هينتون أصابعها في إشارة إلى المال الوفير في مقطع مصور بثته حديثاً عبر "يوتيوب"، وقالت لمتابعيها عبر المنصة الذين يزيد عددهم عن مليون بأنها ستطرح عليهم فكرة مشروع مربح.
طلبت في البداية من ”تشات جي بي تي“ أن ينتج كلمات أغاني أطفال "بسيطة ومكررة" مع "كلمات مرحة وبسيطة مثل "لا لا" و"نا نا"، ثم أدخلت ما أتى به في أداة منفصلة تولّد مقاطع مصورة عبر الذكاء الاصطناعي.
لم يستغرق الأمر سوى بضع دقائق حتى جمعت الأداة كل ذلك في مقطع مصور مفعم بالألوان والحركة يبدو فيه أطفال مبتسمون وحيوانات وأشكال تقفز في دائرة وترقص على مسرح محاط بفراشات وبالونات وأقواس قزح وألعاب نارية برّاقة وأضواء ساطعة وعلامات موسيقية وقصاصات ورق ملون تتساقط.
قالت هينتون، التي تعِد قناتها بمساعدة المشاهدين على "خلق الحرية والازدهار والهدف" في حياتهم، إن استخدام هذه التقنية لإنتاج محتوى مربح يستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و3 سنوات عبر ”يوتيوب“ كان وسيلة لكسب مئات الدولارات يومياً.
كيف تربي أطفالك في عصر الذكاء الاصطناعي؟
قالت: "ما عليك سوى أن تتولى حوالي 5% من العمل، لأن الذكاء الاصطناعي قد تولى البقية". يعتمد البرنامج التعليمي لهينتون على نزعتين: أولاهما أن إنشاء مقاطع الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي أصبح أسهل، وأن جمهور الأطفال الصغار على ”يوتيوب“ ينمو بسرعة.
وفقاً لبيانات جديدة من مركز ”بيو“ للأبحاث، فقد ارتفع استخدام "يوتيوب" للأطفال دون سن الثانية أكثر من أي فئة شبابية أخرى في السنوات الخمس الماضية، فقد قال أكثر من 60% من الآباء الأميركيين الذين لديهم طفل سنّه أقل من عامين إن طفلهم يشاهد "يوتيوب"، ويقول أكثر من ثلثهم إن طفلهم يفعل ذلك يومياً.
رضع وأطفال صغار في سن ما قبل المدرسة جمهور يتنامى
بيّن مسح أعدته ”فيربلاي“ (Fairplay) هذا العام، وهي منظمة مناصرة تركز على القضايا المتعلقة بالتقنية التي تؤثر على الأطفال، أن منصتي "يوتيوب" و“يوتيوب كيدز" تجذبان مزيداً من الرضع والأطفال الصغار من مرحلة ما قبل المدرسة بقدر يفوق أي موقع بث آخر أو تطبيق تعليمي، إذ يستخدمهما 70% من الرضع الذين يقضون وقتاً قبالة الشاشات.
يُوصى باستخدام ”يوتيوب كيدز" للمشاهدين الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و12 عاماً، لكنه ليس مصمماً للأطفال الذين تقل أعمارهم عن ذلك، وفقاً للشركة. لكن يجد كثير من الرضع والأطفال الصغار أنفسهم أمام "يوتيوب"، الذي يضع ارتفاع شعبيته بين أصغر المستهلكين على هذا الكوكب الشركة الأم ”ألفابيت“ في وضع يسمح لها بجذب جيل كامل من المستخدمين المحتملين مدى الحياة قبل أن يتمكنوا حتى من المشي أو التحدث.
إدمان الأطفال لألعاب الفيديو يشعل دعاوى قضائية في أميركا
يرى صانعو المحتوى أيضاً فرصةً هائلةً في ذلك حظر ”يوتيوب كيدز“ الإعلانات المستهدفة بعد تسوية عام 2019 مع لجنة التجارة الفيدرالية، التي مثلت عقبة جديدة للمبدعين الذين يحاولون تحقيق الدخل من المحتوى على المنصة.
ما يزال بإمكانهم كسب المال على موقع الأطفال من خلال الإعلانات المحدودة أو اشتراكات ”يوتيوب بريميوم" التي تقدم تجربة خالية من الإعلانات المدفوعة. كما يمكن لصانعي المحتوى الاستفادة من الإعلانات الموضوعة على محتوى الأطفال الموزع على خدمة "يوتيوب" الرئيسية.
ساعد الجمهور الهائل والقيّم في إنشاء صناعة منزلية للمنتجين الذين يسعون إلى جذب هذه الشريحة السكانية الجديدة مباشرة وللمعلمين المحتملين الذين يتطلعون إلى بيع النصائح لتلك المجموعة الأولى.
الهدف مشاهدات تجلب ملايين الدولارات
قالت هينتون مازحة في مقطع الفيديو الخاص بها: "نحن نحاول أن نكون (Baby Shark) المستقبل"، في إشارة إلى أغنية سمكة القرش التي حققت انتشاراً هائلاً- وهي فيديو "يوتيوب" الأكثر مشاهدة على الإطلاق الذي جلب ملايين الدولارات لصانعه.
أثار اجتذاب "يوتيوب" للأطفال مخاوف الآباء والخبراء الطبيين ودعاة سلامة الأطفال. يقول الخبراء إنه نظراً لأن أدمغة الأطفال تتطور بنسبة 90% بحلول سن الخامسة، فإن ما يشاهدونه قبل ذلك الوقت لديه القدرة على التأثير على لغتهم وتطورهم الاجتماعي والعاطفي، بالإضافة إلى قدرتهم على التفكير النقدي.
توصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال بأن يكون استخدام الوسائط "محدوداً جداً" للأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين.
هل يقتل المحتوى الرديء المولّد بالذكاء الاصطناعي الإنترنت؟
قالت ريتشيل فرانز، معلمة الطفولة المبكرة ومديرة البرامج في ”فيربلاي“: "عندما يبدأ تطور أدمغتهم، فإنهم يحصلون على فهم لما هو حقيقي وما هو بخلاف ذلك… إذا كان يُقحم في أدمغتهم هو مجموعة من أخطاء الذكاء الاصطناعي، فسيؤثر ذلك على فهمهم للعالم“.
كانت المخاوف بشأن زمن استخدام الشاشة منذ سنوات، لكن المخاوف جديدة بشأن ما يُسمى المحتوى الرديء، أي ما ينتجه الذكاء الاصطناعي بجودة منخفضة وهو مصمم غالباً خصيصاً لوسائل التواصل الاجتماعي.
قالت ستيفاني شنايدر، التي تقول إن "يوتيوب" هو أحياناً بمثابة "والد أو والدة إضافيين" عندما تحتاج إلى مساعدة مع طفليها البالغين من العمر عامين وستة أعوام في مسكنها في بروكلين، نيويورك: "هناك خوف مطلق من أن أطفالي لن يعرفوا ما هو حقيقي وما هو مزيف، لأنه يبدو حقيقياً جداً بالنسبة لي وأنا أكاد أبلغ 40 عاماً من عمري... هذا مخيف جداً أنه حتى لو كان طفلي يبحث عن محتوى تعليمي، وليس مجرد تصفح عشوائي، فسيجد محتوى مولّداً بالكامل بواسطة الذكاء الاصطناعي".
"يوتيوب" تسعى لمعاقبة هذا النوع من المحتوى
كتبت نيكول بيل، المتحدثة باسم "يوتيوب"، في رسالة بريد إلكتروني أن شعبية الخدمة تعكس ثقة العائلات في قدرتها على توفير تجارب مناسبة لأعمارهم، مثل "يوتيوب كيدز“. أضافت: "إن إنتاج محتوى رديء بكميات كبيرة ليس استراتيجية عمل مجدية عبر (يوتيوب)، إذ إن أنظمتنا وسياسات تحقيق الدخل لدينا مصممة لمعاقبة هذا النوع من المحتوى العشوائي.“ في الواقع، قالت الشركة إن من يوصون بذلك يقدمون نصائح سيئة وأن من يتبعونها قد ينتهكون القواعد المناهضة للمحتوى غير الأصلي أو الذي يكرر غيره.
أكدت الشركة أنها تتبع "مبادئ جودة" تهدف إلى عرض محتوى عالي الجودة داخل التطبيق، مع معايير أعلى على "يوتيوب كيدز“، بغض النظر عن كيفية إنتاجه. (وتحدد الشركة محتوى "يوتيوب" المناسب أيضاً لـ"يوتيوب كيدز“ باستخدام مزيج من الأتمتة والمراجعة البشرية). وأكدت الشركة أن ليس كل محتوى يُنتجه الذكاء الاصطناعي "رديء" أو عشوائي.
قالت هينتون إنها تتفهم قلق الآباء. وكتبت في رسالة بريد إلكتروني: "لا ينبغي استخدام الذكاء الاصطناعي كطريقة مختصرة لإنتاج محتوى رديء بكميات كبيرة… يمكن أن يساعد في إنشاء مزيد من المرئيات التعليمية وتمثيل ثقافي أدق وشخصيات أكثر تنوعاً وسهولة وصول إلى قصص لا تجدها كثير من العائلات دائماً".
وأضافت أن المبدعين والآباء والمنصات يتحملون جميعاً مسؤولية المساعدة في ضمان أن الأطفال يشاهدون المحتوى المناسب عبر الإنترنت.
أيهما أفضل الماضي المنضبط أم المستقبل واسع التنوع؟
في الماضي، كانت برامج الأطفال يختارها بشكل مباشر المسؤولون التنفيذيون لشبكات التلفزيون الذين كانوا مسؤولين نظرياً على الأقل عن اختيارات المحتوى التي اتخذوها.
على النقيض من ذلك، يعجّ موقع "يوتيوب" بمقاطع مصورة ينشرها مستخدمون حول العالم، وكثير منهم مجهولون إلى حد كبير. ما يحظى بشعبية هو إلى حد كبير وظيفة خوارزمية التوصية الخاصة بموقع "يوتيوب". ومثل كل منصة رئيسية لوسائل التواصل الاجتماعي، فإن الموقع لديه تاريخ في السماح لبعض المحتوى المزعج بالتسلل- حتى عبر ”يوتيوب كيدز“.
على الموقع الرئيسي، اشتكى الآباء من إعلانات غير لائقة تُعرض خلال مشاهدة مقاطع مصورة مخصصة للأطفال. خلال الانتخابات الأخيرة، على سبيل المثال، ظهرت إعلانات سياسية حول ضبط الأسلحة مع مقاطع مصورة متعلقة بشركة ”والت ديزني“، كما تقول شنايدر.
هل فات أوان فرض قيود عمرية على مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي؟
أضافت: "الآن يسألني طفلي عن الأسلحة في المدارس". (تقول منصة "يوتيوب" إن هذه الأنواع من الإعلانات غير مؤهلة للعرض على حسابات المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً؛ وأكدت شنايدر أنهم كانوا يستخدمون الموقع عبر ملف شخصي لبالغ هو زوجها).
يُكلف الآباء في النهاية بتحديد المحتوى المناسب، وهو أمر قد يكون أصعب مما يبدو. حتى عبر "يوتيوب كيدز“، حيث يمكن للآباء إعداد عناصر تحكم مختلفة لتخصيص تجارب أطفالهم.
تظهر عمليات البحث نجاحات معروفة مثل ”مس ريتشيل“ و“كوكوميلون“ تختلط مع مقاطع فيديو أكثر غموضاً يصعب معرفة أصولها.
يحمل كلا النوعين صور واجهة مصغرة كثيرة الألوان والحركة وعناوين متشابهة (مثل تعليم التحدث، على سبيل المثال)، ما يصعب معرفة ما مر عبر تفحص أو ما إذا كان أي مقطع فيديو معين معد بواسطة الذكاء الاصطناعي. تبلغ مدة بعض المقاطع المصورة التي تبدو تعليميةً عبر المنصة ثلاث أو أربع ساعات، وهي مدة تتجاوز ما يعتقد معظم الخبراء أنه يجب على الأطفال الصغار مشاهدته كل يوم.
استنساخ محتوى الآخرين عبر الذكاء الاصطناعي
نشرت إيزابيلا كوتسياس، وهي منشئة محتوى على "يوتيوب" تقدم اختراقات تجارية لكسب المال عبر الإنترنت، مقطع فيديو خاص بها حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لنسخ النجاح المالي الذي حققته ”كوكوميلون“.
بعد أن أنتجت مقطعا مصوراً نابضاً بالحياة ومتناغماً عن سفينة نوح، بشخصيات وحيوانات بعيون واسعة تُشبه تلك الموجودة في أفلام ”بيكسار“، شددت على أهمية اختيار الصورة المصغرة المناسبة. قالت: "اختر الصورة المُصغّرة الأفضل، بحيث تكون الأكثر إشراقاً وجاذبية. نسعى دائماً لجذب انتباه المشاهدين على (يوتيوب)“. لم تستجب كوتسياس لطلب التعليق.
لقد حصلت كل من هينتون وكوتسياس على اعتماد "يوتيوب"، وهي شهادة تمنحها المنصة وتضفي مصداقيةً وتعطيهما أفضليةً في التصنيف الخوارزمي. وهما ليستا صانعتي المحتوى الوحيدتين الموثقتين ممن يدربون الناس على كيفية إنشاء محتوى ذكاء اصطناعي موجه للمستهلكين الصغار.
قالت كيمبرلي ميتشل، وهي صانعة محتوى موثقة، في فيديو تعليمي حديث حول كيفية إنشاء محتوى عبر الذكاء الاصطناعي مُخصص للمدارس على "يوتيوب كيدز“: "هناك فرصة هائلة يفوتها الكثيرون، وسنحرص على ألا تكونوا منهم". وعندما طلبنا منها التعليق، قالت ميتشل: "لا يتناول الفيديو الخاص بي إنشاء مقاطع فيديو للأطفال الرضع والأطفال الصغار، بل يتناول إنشاء محتوى لمرحلة ما قبل المدرسة".
لا تصدق ما تراه في عصر إعلانات الذكاء الاصطناعي
قالت أوديتا روكهيد كير، وهي من مستخدمي "يوتيوب" المعتمدين، في برنامج تعليمي لمشتركيها البالغ عددهم 1.5 مليون مشترك، يعرض مقطع فيديو معدّ بواسطة الذكاء الاصطناعي لفواكه راقصة في أزياء أبطال خارقين: "هذا يا نجوم الروك، قد يكون في الواقع نقطة دخولكم... يُقال إن محتوى الأطفال يجذب أكبر عدد من المشاهدات على (يوتيوب) في جميع أنحاء العالم… هذا الطلب لا يختفي أبداً". ولم ترد على طلب التعليق.
يحذر خبراء نمو الطفل من انتشار المحتوى منخفض الجودة على "يوتيوب" مع ادعاء بأنه تعليمي. قالت جيني راديسكي، طبيبة الأطفال المتخصصة في السلوك التنموي في كلية الطب بجامعة ميشيغان، التي درست استخدام "يوتيوب" في مرحلة الطفولة المبكرة وساعدت في إجراء دراسة مركز ”بيو“ للأبحاث: "النمط الذي نراه هو مقاطع فيديو على (يوتيوب) تبدو مصممة في الغالب لجذب الانتباه دون أن تحتوي بالضرورة على قصة أو محتوى ذي معنى“.
أضافت: "ليس كل ما يشاهده طفلك ينبغي أن يكون ذا مغزى أو مؤثرة بشدة أو تعليمي بقوة. لكننا نريد أن يكون الآباء على دراية بهذا الدافع التجاري الكامن وراء بعض محتوى (يوتيوب)“.
هل هو شر لا بدّ منه أحياناً؟
يخشى جودا أبراهام، وهو أب لطفلين في نيويورك، من أن تؤثر مقاطع الفيديو فائقة السرعة وقوية التحفيز التي يشاهدها طفلاه، وسنهما عامين وخمسة أعوام، على "يوتيوب" و"يوتيوب كيدز“ على مدى انتباههما وقدرتهما على التركيز. كما يقول إنه يقلق بشأن من يقف وراء كثير من المقاطع المصورة وكيفية اختيار المحتوى لـ"يوتيوب كيدز“. قال: "لا أثق بالمعايير. إن (يوتيوب)، و(جوجل) و(ألفابت)- يديرون أعمالاً تجاريةً، ولا يتحكمون في المحتوى الذي يُرفع على منصاتهم".
لكن الحياة تصبح مزدحمة، وفي بعض الأحيان، يساعده السماح لأطفاله بالاستمرار في مشاهدة "يوتيوب" على أخذ استراحة والقيام بجوانب مهمة أخرى من كونه أباً، مثل إنجاز بعض الأعمال أو المهام المنزلية. قال عن هذه العادة: "لا أعتقد أنها صحية. إنها صراع داخلي كبير لدي“.
الأكثر قراءة
أخبار مختارة
8 بنوك استثمار تتوقع خفض "المركزي المصري" للفائدة حتى 100 نقطة أساس
السبت، 13 ديسمبر 2025 03:32 م
وزارة السياحة تفند الانتقادات الموجهة للمتحف المصري الكبير: وصلنا لـ 15 ألف زائر يوميًا
السبت، 13 ديسمبر 2025 03:12 م
وزارة المالية: نستهدف تقليص زمن الإفراج الجمركي إلى يومين فقط
السبت، 13 ديسمبر 2025 03:06 م
تكلفته 200 مليون جنيه .. بنك مصري وكاتي بيري يثيران الجدل بحفل فاخر أمام الأهرامات
الخميس، 11 ديسمبر 2025 11:11 م
مايكروسوفت: لن نطور ذكاءً اصطناعيًا يخرج عن السيطرة ويهدد البشرية
الخميس، 11 ديسمبر 2025 10:57 م
حسن عبد الله: تحديات الاستقرار المالي أصبحت عابرة للحدود
الخميس، 11 ديسمبر 2025 04:15 م