محمود تمّام يكتب: العقار بين الشائعة والحقيقة: هل نحن فعلًا أمام فقاعة؟
محمود تمّام
خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت نبرة القلق في أحاديث الناس عن احتمالات “فقاعة عقارية” و“انهيار وشيك” قد يصيب السوق. أحاديث متوترة، يردّدها البعض وكأنها حقيقة مؤكدة، وكأننا على أبواب تكرار مشاهد 2007 التي ما زالت آثارها محفورة في الذاكرة. هذا القلق ليس مصريًا فقط، بل حالة عالمية كاملة، وكلها تدور حول سؤال واحد: هل سوق العقارات في طريقه إلى الانفجار؟
اللافت أن الإجابة جاءت من مصدر شديد الموثوقية؛ تقرير حديث صادر عن بنك UBS السويسري — أحد أكبر المؤسسات المالية التي ترصد حركة العقارات عالميًا — ونشرت نيويورك تايمز قراءة موسّعة له. التقرير حلّل واحدًا وعشرين سوقًا عقاريًا رئيسيًا حول العالم، مستندًا إلى مؤشرات واقعية مثل أسعار المنازل مقارنة بالدخل، مستويات الإيجارات، حجم الإنشاءات الجديدة، ونشاط الإقراض العقاري. وبعد مراجعة كل هذه المعطيات، خلص التقرير إلى نتيجة قاطعة: لا يوجد انهيار عقاري يلوح في الأفق، ولا توجد مؤشرات تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية.
يشير التقرير إلى أن العالم كله يعاني من نقص كبير في المعروض العقاري نتيجة تباطؤ وتراجع وتيرة المشروعات الجديدة خلال السنوات الماضية. هذا النقص يمثّل حائط صد طبيعي يمنع أي انهيار واسع في الأسعار، حتى في الأسواق التي شهدت تباطؤًا أو هدوءًا ملحوظًا. مدن كبرى مثل سان فرانسيسكو ونيويورك تراجعت فيها الأسعار قليلًا، لكنها ما زالت مستقرة في حدود آمنة، فيما تُصنّف مدن أوروبية مثل باريس ولندن كمناطق منخفضة المخاطر، ببساطة لأن حجم البناء الجديد فيها لا يكفي لخلق فائض قد يؤدي إلى هبوط حاد.
أما الارتفاعات التي سجّلتها بعض الأسواق، فيوضح التقرير أنها ليست مؤشرًا لفقاعة كما يعتقد البعض، بل هي نتيجة مباشرة لزيادة الطلب أو ارتفاع تكاليف البناء والتشغيل، وهي عوامل اقتصادية مفهومة وليست جزءًا من نمط تضخمي غير منطقي.
الخلاصة التي يمكن استنتاجها بوضوح هي أن الحديث عن “فقاعة عقارية” يفتقر إلى الأدلة، وأن ما يجري في السوق العالمي هو عملية تصحيح طبيعية بعد سنوات من التقلبات الاقتصادية. ومع وجود ندرة في المعروض على مستوى العالم، تظل الأسعار محمية بآليات السوق نفسها، من دون حاجة لأي تدخل اصطناعي.
ولذلك، فإن من يخطط للدخول إلى السوق العقاري يمكنه أن يفعل ذلك بثقة. العقار ما زال واحدًا من أكثر الأصول قدرة على الحفاظ على قيمتها، بل ويتعزّز دوره في وقت يشهد فيه العالم كله تراجعًا في حجم المشروعات الجديدة وتزايدًا في الطلب على السكن.
الواقع أهدأ كثيرًا مما تصوّره الشائعات، والسوق العقاري — عالميًا وإقليميًا — لا يزال متماسكًا، بعيدًا تمامًا عن سيناريوهات الانهيار التي يتداولها البعض بلا سند.
العقار ثابت… والضجيج هو الذي يتلاشى.
الأكثر قراءة
أخبار مختارة
محمود تمّام يكتب: العقار بين الشائعة والحقيقة: هل نحن فعلًا أمام فقاعة؟
الأحد، 14 ديسمبر 2025 04:43 م
محمود طاهر يكتب: مصر وأفريقيا .. أكثر من مجرد تعاون
الإثنين، 14 يوليو 2025 12:54 م
محمود طاهر يكتب عن نظرية "سحر الأرقام" في التسويق للعقارات في مصر
الأحد، 23 مارس 2025 02:45 م
تامر عبد الحميد: ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج يؤكد ثقتهم فى بناء الاقتصاد الوطنى
الأحد، 02 فبراير 2025 12:04 ص
تامر عبد الحميد عن حزمة التسهيلات الضريبية الجديدة: خطوة لتشجيع الاستثمار بمصر
السبت، 14 سبتمبر 2024 10:32 ص
ليزا جيفريس تكتب: "ترند" اللبن "السايب" فى أمريكا يهدد صحة الأطفال؟
الأحد، 18 أغسطس 2024 01:09 م